قَالَ يَٰقَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍۢ مِّن رَّبِّى وَءَاتَىٰنِى رَحْمَةًۭ مِّنْ عِندِهِۦ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَٰرِهُونَ
﴿٢٨﴾سورة هود تفسير السعدي
ولهذا " قَالَ " لهم نوح مجاوبا " يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي " أي: على يقين وجزم, يعني, وهو الرسول الكامل القدوة, الذي ينقاد له أولو الألباب, وتضمحل في جنب عقله, عقول الفحول من الرجال, وهو الصادق حقا.
فإذا قال: إني على بينة من ربي, فحسبك بهذا القول, شهادة له وتصديقا.
" وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ " أي: أوحى إلي وأرسلني, ومن علي بالهداية.
" فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ " أي: خفيت عليكم, وبها تثاقلتم.
" أَنُلْزِمُكُمُوهَا " أي: أنكرهكم على ما تحققناه, وشككتم أنتم فيه؟ " وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ " حتى حرصتم على رد ما جئت به, ليس ذلك ضارنا, وليس بقادح من يقيننا فيه, ولا قولكم وافتراؤكم علينا, صادا لنا عما كنا عليه.
وإنما غايته, أن يكون صادا لكم أنتم, وموجبا لعدم انقيادكم للحق, تزعمون أنه باطل.
فإذا وصلت الحال إلى هذه الغاية, فلا تقدر على إكراهكم, على ما أمر الله, ولا إلزامكم, ما نفرتم عنه, ولهذا قال: " أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ " .