وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًۭا مَّحْسُورًا
﴿٢٩﴾سورة الإسراء تفسير السعدي
وقال هنا: " وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ " كناية عن شدة الإمساك والبخل.
" وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ " فتنفق فيما لا ينبغي, وزيادة على ما ينبغي.
" فَتَقْعُدَ " إن فعلت ذلك " مَلُومًا " أي: تلام على ما فعلت " مَحْسُورًا " أي: حاسر اليد فارغها, فلا بقي ما في يدك من المال ولا خلفه مدح وثناء.
وهذا الأمر بإيتاء ذى القربى, مع القدرة والغنى.
فأما مع العدم, أو تعسر النفقة الحاضرة, فأمر تعالى أن يردوا ردا جميلا فقال: " وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا " أي: تعرضن عن إعطائهم إلى وقت آخر, ترجو فيه من الله تيسير الأمر.
" فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا " أي: لطيفا برفق, ووعد بالجميل, عند سنوح الفرصة, واعتذار بعدم الإمكان, في الوقت الحاضر, لينقلبوا عنك, مطمئنة خواطرهم, كما قال تعالى " قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى " .
وهذا أيضا, من لطف الله تعالى بالعباد, أمرهم بانتظار الرحمة والرزق منه, لأن انتظار ذلك, عبادة.
وكذلك وعدهم بالصدقة والمعروف عند التيسر, عبادة حاضرة, لأن الهم بفعل الحسنة, حسنة.
ولهذا ينبغي للإنسان أن يفعل ما يقدر عليه من الخير, وينوي فعل ما لم يقدر عليه, ليثاب على ذلك, ولعل الله ييسر له بسبب رجائه.