وَٱتَّقُواْ يَوْمًۭا لَّا تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍۢ شَيْـًۭٔا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌۭ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌۭ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ
﴿٤٨﴾سورة البقرة تفسير السعدي
وخوفهم بيوم القيامة الذي " لَا تَجْزِي " فيه أي: لا تغني " نَفْسٌ " ولو كانت من الأنفس الكريمة كالأنبياء والصالحين " عَنْ نَفْسٍ " ولو كانت من العشيرة الأقربين " شَيْئًا " لا كبيرا ولا صغيرا وإنما ينفع الإنسان عمله الذي قدمه.
" وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا " أي: النفس, شفاعة لأحد بدون إذن الله ورضاه عن المشفوع له, ولا يرضى منه العمل إلا ما أريد به وجهه وكان على السبيل والسنة.
" وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ " أي: فداء " ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب " ولا يقبل منهم ذلك " وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ " أي: يدفع عنهم المكروه.
فنفى الانتفاع من الخلق بوجه من الوجوه.
فقوله " لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا " هذا في تحصيل المنافع.
" وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ " هذا في دفع المضار, فهذا النفي للأمر المستقبل به النافع.
ولا تقبل منها شفاعة, ولا يؤخذ منها عدل, هذا نفي للنفع الذي يطلب ممن يملكه بعوض, كالعدل, أو بغيره, كالشفاعة.
فهذا يوجب للعبد أن ينقطع قلبه من التعلق بالمخلوقين, لعلمه أنهم لا يملكون له مثقال ذرة من النفع, وأن يعلقه بالله الذي يجلب المنافع, ويدفع المضار, فيعبده وحده لا شريك له ويستعين على عبادته.