وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَٰمُوسَىٰ
﴿١٧﴾سورة طه تفسير السعدي
وقوله تعالى: " وَمَا تِلْكَ " إلى " مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى " .
لما بين الله لموسى أصل الإيمان, أراد أن يبين له, ويريه من آياته, ما يطمئن به قلبه, وتقر به عينه, ويقوي إيمانه, بتأييد الله له على عدوه فقال: " وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى " هذا, مع علمه تعالى, ولكن لزيادة الاهتمام في هذا الموضع, أخرج الكلام بطريق الاستفهام.
فقال موسى: " هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي " ذكر فيها, هاتين المنفعتين, منفعة لجنس الآدمي, وهو أنه يعتمد عليها في قيامه ومشيه, فيحصل فيها معونة.
ومنفعة للبهائم, وهو أنه كان يرعى الغنم, فإذا رعاها في شجر الخبط ونحوه, هش بها, أي: ضرب الشجر, ليتساقط ورقه, فيرعاه الغنم.
هذا الخلق الحسن من موسى عليه السلام, الذي من آثاره, حسن رعاية الحيوان البهيم, والإحسان إليه, دل على عناية من الله له واصطفاء, وتخصيص تقتضيه رحمة الله وحكمته.
" وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ " أي: مقاصد " أُخْرَى " غير هذين الأمرين.
ومن أدب موسى عليه السلام, أن الله لما سأله عما في يمينه, وكان السؤال محتملا عن السؤال عن عينها, أو منفعتها - أجابه بعينها, ومنفعتها فقال الله له: " أَلْقِهَا يَا مُوسَى