قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَٰمُوسَىٰ
﴿٤٩﴾سورة طه تفسير السعدي
أي قال فرعون لموسى على وجه الإنكار: " فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى " .
فأجاب موسى بحواب شاف كاف واضح قال: " رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " أي: ربنا الذي خلق جميع المخلوقات, وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به, على حسن صنعه من خلقه, من كبر الجسم وصغره, وتوسطه, وجميع صفاته.
" ثُمَّ هَدَى " كل مخلوق إلى ما خلقه له, وهذه الهداية الكاملة المشاهدة في جميع المخلوقات.
فكل مخلوق, تجده يسعى لما خلق له من المنافع, وفي دفع المضار عنه.
حتى إن الله أعطى الحيوان البهيم, من العقل, ما يتمكن به به من ذلك.
وهذا كقوله تعالى: " الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ " .
فالذي خلق المخلوقات, وأعطاها خلقها الحسن, الذي لا تقترح العقول فوق حسنه, وهداها لمصالحها, هو الرب على الحقيقة.
فإنكاره, إنكار لأعظم الأشياء وجودا, وهو مكابرة ومجاهرة بالكذب.
فلو قدر أن الإنسان, أنكر من الأمور المعلومة, ما أنكر, كان إنكاره لرب العالمين, أكبر من ذلك.