وَعَلَّمْنَٰهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍۢ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّنۢ بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَٰكِرُونَ
﴿٨٠﴾سورة الأنبياء تفسير السعدي
" وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ " أي: علم الله داود عليه السلام, صنعة الدروع.
فهو أول من صنعها وعلمها وسرت صناعته إلى من بعده.
فألان الله له الحديد, وعلمه كيف يسردها والفائدة فيها كبيرة.
" لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ " أي: هي وقاية لكم, وحفظ عند الحرب, واشتداد البأس.
" فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ " نعمة الله عليكم, حيث أجراها على يد عبده داود.
كما قال تعالى: " وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ " يحتمل أن تعليم الله لداود صنعة الدروع وإلانتها أمر خارق للعادة.
وأن يكون - كما قاله المفسرون-: إن الله ألان له الحديد, حتى كان يعمله كالعجين والطين, من دون إذابة له على النار.
ويحتمل أن تعليم الله له, على جاري العادة, وأن إلانة الحديد له, بما علمه الله من الأسباب المعروفة الآن, لإذابتها.
وهذا هو الظاهر, لأن الله امتن على العباد وأمر بشكرها.
ولولا أن صنعته من الأمور التي جعلها الله مقدورة للعباد, لم يمتن عليهم بذلك, ويذكر فائدتها, لأن الدروع التي صنع داود عليه السلام, متعذر أن يكون المراد أعينها, وإنما المنة بالجنس.
والاحتمال الذي ذكره المفسرون, لا دليل عليه إلا قوله " وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ " .
وليس فيه أن الإلانة من دون سبب, والله أعلم بذلك.