مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُۥ مَا يَغِيظُ
﴿١٥﴾سورة الحج تفسير السعدي
أي من كان يظن أن الله لا ينصر رسوله, وأن دينه سيضمحل, فإن النصر, من الله ينزل من السماء " فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ " النصر عن الرسول.
" فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ " أي: ما يكيد به الرسول, ويعمله من محاربته, والحرص على إبطال دينه, ما يغيظه من ظهور دينه.
وهذا استفام بمعنى النفي, أي: إنه لا يقدر على شفاء غيظه, بما يعمله من الأسباب.
ومعنى هذه الآية الكريمة: يا أيها المعادي للرسول محمد صلى الله عليه وسلم, الساعي في إطفاء دينه, الذي يظن بجهله, أن سعيه سيفيده شيئا.
إعلم أنك, مهما فعلت من الأسباب, وسعيت في كيد الرسول, فإن ذلك لا يذهب غيظك, ولا يشفي كمدك, فليس لك قدرة في ذلك.
ولكن سنشير عليك برأي, تتمكن به من شفاء غيظك, ومن قطع النصر عن الرسول, إن كان ممكنا.
ائت الأمر من بابه, وارتق إليه بأسبابه.
اعمد إلى حبل من ليف أو غيره, ثم علقه في السماء, ثم اصعد به, حتى تصل إلى الأبواب التي ينزل منها النصر, فسدها, وأغلقها, واقطعها, فبهذه الحال تشفي غيظك.
فهذا هو الرأي والمكيدة, وما سوى هذه الحال فلا يخطر ببالك أنك تشفي بها غيظك ولو ساعدك من ساعدك من الخلق.
وهذه الآية الكريمة, فيها من الوعد والبشارة بنصر الله لدينه, ولرسوله, وعباده المؤمنين, ما لا يخفى, ومن تأييس الكافرين, الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم, والله متم نوره, ولو كره الكافرون أي: وسعوا مهما أمكنهم.