لَّهُۥ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ
﴿٦٤﴾سورة الحج تفسير السعدي
" لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " خلقا وعبيدا, يتصرف فيهم بملكه وحكمته, وكمال اقتداره, أي لأحد غيره من الأمر شيء.
" وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ " بذاته الذي له الغنى المطلق التام, من جميع الوجوه.
ومن غناه, أنه لا يحتاج إلى أحد من خلقه, ولا يواليهم من ذلة, ولا يتكثر بهم من قلة.
ومن غناه, أنه ما اتخذ صاحبة ولا ولدا.
ومن غناه, أنه صمد, لا يأكل ولا يشرب, ولا يحتاج إلى ما يحتاج إليه الخلق, بوجه من الوجوه, فهو يطعم ولا يطعم.
ومن غناه, أن الخلق كلهم, مفتقرون إليه, في إيجادهم, وإعدادهم, وإمدادهم, وفي دينهم ودنياهم.
ومن غناه, أنه لو اجتمع من في السماوات ومن في الأرض, الأحياء منهم والأموات, في صعيد واحد, فسأل كل منهم ما بلغت أمنيته, فأعطاهم فوق أمانيهم, ما نقص ذلك من ملكه شيئا.
ومن غناه أن يده سحاء بالخير والبركات, الليل والنهار, لم يزل إفضاله على الأنفاس.
ومن غناه وكرمه, ما أودعه في دار كرامته, مما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
" الْحَمِيدِ " أي: المحمود في ذاته, وفي أسمائه, لكونها حسنى.
وفي صفاته, لكونها كلها صفات كمال.
وفي أفعاله, لكونها حمل دائرة بين العدل والإحسان, والرحمة, والحكمة وفي شرعه, لكونه لا يأمر إلا بما فيه مصلحة خالصة, أو راجحة, ولا ينهى إلا عما فيه, مفسدة خالصة أو راجحة, الذي له الحمد, الذي يملأ ما في السماوات والأرض, وما بينهما, وما شاء بعدهما, الذي لا يحصى العباد ثناء على حمده, بل هو كما أثنى على نفسه, وفوق ما يثني عليه عباده, وهو المحمود على توفيق من يوفقه, وخذلان من يخذله, وهو الغني في حمده, الحميد في غناه.