وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَّآ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى ٱلْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍۢ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًۭا
﴿٢٠﴾سورة الفرقان تفسير السعدي
ثم قال تعالى جوابا لقول المكذبين: " مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ " .
فما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام, وما جعلناهم ملائكة, فلك فيهم أسوة.
وأما الغنى والفقر, فهو فتنة, وحكمة من الله تعالى, كما قال: " وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً " الرسول فتنة للمرسل إليهم, واختبار للمطيعين من العاصين, والرسل فتناهم بدعوة الخلق, والغنى فتنة للفقير, والفقر فتنة للغني.
وهكذا سالر أصناف الخلق في هذه الدار, دار الفتن والابلاء والاختبار.
والقصد من تلك الفتنة " أَتَصْبِرُونَ " فتقومون بما هو وظيفتكم اللازمة الراتبة, فيثيبكم مولاكم, أم لا تصبرون فتستحقون المعاقبة؟ " وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا " يرى ويعلم أحوالكم ويصطفي من يعلمه يصلح لرسالته, ويختصه بتفضيله, ويعلم أعمالكم فيجازيكم عليها, إن خيرا فخير, وإن شرا فشر.