قُلْ فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَٰلِغَةُ ۖ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَىٰكُمْ أَجْمَعِينَ
﴿١٤٩﴾سورة الأنعام تفسير السعدي
ومنها: أن لله الحجة البالغة, التي لم تبق لأحد عذرا, التي اتفقت عليها الأنبياء والمرسلون, والكتب الإلهية, والآثار النبوية, والعقول الصحيحة, والفطر المستقيمة, والأخلاق القويمة.
فعلم بذلك, أن كل ما خالف هذه الآية القاطعة, باطل, لأن نقيض الحق, لا يكون إلا باطلا.
ومنها: أن الله تعالى, أعطى كل مخلوق, قدرة, وإرادة, يتمكن بها, من فعل ما كلف به.
فما أوجب الله على أحد, ما لا يقدر على فعله, ولا حرم على أحد, ما لا يتمكن من تركه.
فالاحتجاج - بعد هذا - بالقضاء والقدر, ظلم محض, وعناد صرف.
ومنها: أن الله تعالى, لم يجبر العباد على أفعالهم, بل جعل أفعالهم, تبعا لاختيارهم.
فإن شاءوا, فعلوا, وإن شاءوا, كفوا.
وهذا أمر مشاهد, لا ينكره إلا من كابر, وأنكر المحسوسات.
فإن كل أحد يفرق بين الحركة الاختيارية, والحركة القسرية, وإن كان الجميع داخلا في مشيئة الله, ومندرجا تحت إرادته.
ومنها: أن المحتجين على المعاصي بالقضاء والقدر, يتناقضون في ذلك.
فإنهم لا يمكنهم, أن يطردوا ذلك, بل لو أساء إليهم مسيء, بضرب, أو أخذ مال, أو نحو ذلك, واحتج بالقضاء والقدر, لما قبلوا منه هذا الاحتجاج, ولغضبوا من ذلك, أشد الغضب.
فيا عجبا كيف يحتجون به على معاصي الله ومساخطه.
ولا يرضون من أحد, أن يحتج به, في مقابلة مساخطهم؟!! ومنها: أن احتجاجهم بالقضاء والقدر, ليس مقصودا, ويعلمون أنه ليس بحجة.
وإنما المقصود منه, دفع الحق, ويرون أن الحق بمنزلة الصائل.
فهم يدفعونه, بكل ما يخطر ببالهم, من الكلام المصيب عندهم, والمخطئ.