وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِىٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِۦ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ
﴿٦٨﴾سورة الأنعام تفسير السعدي
المراد بالخوض في آيات الله: التكلم.
بما يخالف الحق, من تحسين المقالات الباطلة, والدعوة إليها, ومدح أهلها, والإعراض عن الحق, والقدح فيه وفي أهله فأمر الله رسوله أصلا, وأمته تبعا, إذا رأوا من يخوض بآيات الله بشيء مما ذكر, بالإعراض عنهم, وعدم حضور مجالس الخائضين بالباطل والاستمرار على ذلك, حتى يكون البحث والخوض في كلام غيره.
فإذا كان في كلام غيره, زال النهي المذكور.
فإن كان مصلحة, كان مأمورا به, وإن كان غير ذلك, كان غير مفيد ولا مأمور به.
وفي ذم الخوض بالباطل, حث على البحث, والنظر, والمناظرة بالحق.
ثم قال: " وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ " أي: بأن جلست معهم, على وجه النسيان والغفلة.
" فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " يشمل الخائضين بالباطل, وكل متكلم بمحرم, أو فاعل لمحرم, فإنه يحرم الجلوس والحضور, عند حضور المنكر, الذي لا يقدر على إزالته.
هذا النهي والتحريم, لمن جلس معهم, ولم يستعمل تقوى الله, بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم, أو يسكت عنهم, وعن الإنكار.
فإن استعمل تقوى الله تعالى, بأن كان يأمر بالخير, وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم, فيترتب على ذلك زواله وتخفيفه - فهذا ليس عليه حرج ولا إثم, ولهذا قال: