۞ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَىِّ ۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
﴿٩٥﴾سورة الأنعام تفسير السعدي
يخبر تعالى, عن كماله, وعظمة سلطانة, وقوة اقتداره, وسعة رحمته, وعموم كرمه, وشدة عنايته.
بخلقه, فقال: " إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ " شامل لكل الحبوب, التى يباشر الناس زرعها, والتي لا يباشرون بها, كالحبوب التي يبثها الله في البراري والقفار.
فيفلق الحبوب عن الزروع والنباتات, على اختلاف أنواعها, وأشكالها, ومنافعها.
ويفلق النوى عن الأشجار, من النخيل, والفواكه, وغير ذلك.
فينتفع بها الخلق, من الأدميين والأنعام, والدواب.
ويرتعون فيما خلق الله, من الحب, والنوى.
ويقتاتون, وينتفعون بجميع أنواع المنافع, التي جعلها الله في ذلك.
ويريهم الله من بره وإحسانه ما يبهر العقول, ويذهل الفحول.
ويريهم من بدائع صنعته, وكمال حكمته, ما به يعرفونه ويوحدونه, ويعلمون أنه هو الحق, وأن عبادة ما سواه, باطلة.
" يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ " كما يخرج من المني حيوانا, ومن البيضة فرخا, ومن الحب والنوى, زرعا وشجرا.
" وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ " وهو الذي لا نمو فيه, أو لا روح " مِنَ الْحَيِّ " .
كما يخرج من الأشجار والزروع, النوى, والحب, ويخرج من الطائر بيضا ونحو ذلك.
" ذَلِكُمْ " الذي فعل ما فعل, وانفرد بخلق هذه الأشياء وتدبيرها " اللَّهُ رَبُّكُمْ " أي: الذي له الألوهية والعبادة على خلقه أجمعين.
وهو الذي ربى جميع العالمين بنعمه, وغذاهم بكرمه.
" فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ " أي: فأنى تصرفون, وتصدون عن عبادة من هذا شأنه, إلى عبادة من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا, ولا موتا, ولا حياة, ولا نشورا؟!!