وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَآ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ
﴿٩٢﴾سورة التوبة تفسير السعدي
" وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ " أي: لا يجدون زادا, ولا راحلة يتبلغون بها في سفرهم.
فهؤلاء, ليس عليهم حرج, بشرط أن ينصحوا للّه ورسوله, بأن يكونوا صادقي الإيمان, وأن يكون من نيتهم, وعزمهم, أنهم لو قدروا لجاهدوا, وأن يفعلوا ما يقدرون عليه, من الحث, والترغيب, والتشجيع على الجهاد.
" مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ " أي: من سبيل يكون عليهم فيه تبعة, فإنهم - بإحسانهم, فيما عليهم من حقوق اللّه وحقوق العباد - أسقطوا توجه اللوم عليهم.
وإذا أحسن العبد فيما يقدر عليه, سقط عنه ما لا يقدر عليه.
ويستدل بهذه الآية على قاعدة.
وهي: أن من أحسن على غيره, في نفسه, أو في ماله, ونحو ذلك, ثم ترتب على إحسانه, نقص أو تلف, أنه غير ضامن لأنه محسن, ولا سبيل على المحسنين.
كما أنه يدل, على أن غير المحسن - وهو المسيء - كالمفرط; أن عليه الضمان.
" وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " ومن مغفرته ورحمته, عفا عن العاجزين, وأثابهم بنيتهم الجازمة, ثواب القادرين الفاعلين.
" وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ " فلم يصادفوا عندك شيئا " قُلْتَ " لهم معتذرا " لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ " فإنهم عاجزون, باذلون لأنفسهم, وقد صدر منهم من الحزن والمشقة, ما ذكره اللّه عنهم.
فهؤلاء لا حرج عليهم, وإذا سقط الحرج عنهم, عاد الأمر إلى أصله, وهو.
أن من نوى الخير, واقترن بنيته الجازمة, سَعْيٌ فيما يقدر عليه, ثم لم يقدر, فإنه ينزل منزلة الفاعل التام.